اتحاد التامين يستعرض دور التأمين الزراعي في تحقيق التنمية المستدامة في قطاع الزراعة

مقدمة
في عالم يتزايد فيه عدد السكان ويتعرض لضغوط مناخية واقتصادية غير مسبوقة، أصبح القطاع الزراعي عمودًا أساسيًا للأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية، إلا أنه يواجه تحديات مُلحة مثل تغير المناخ، والأوبئة، والتقلبات الاقتصادية، والتي تهدد استقرار الإنتاج الزراعي وسبل عيش المزارعين . في هذا الإطار، يبرز التأمين الزراعي كأداة حيوية لتحقيق الاستدامة عبر توفير حماية مالية ضد هذه المخاطر، مما يُمكّن المزارعين من استعادة أنشطتهم وتعزيز مرونة القطاع .
دورالتأمين الزراعي في دعم أهداف التنمية المستدامة
ترتبط أهمية التأمين الزراعي بدوره في دعم أهداف التنمية المستدامة ، مثل القضاء على الجوع عبر ضمان استمرارية الإنتاج الغذائي، والعمل المناخي من خلال تعويض الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية، وبناء الشراكات عبر تعاون الحكومات وشركات التأمين . كما يُسهم في الحد من هجرة الريف إلى المدن من خلال توفير شبكة أمان اقتصادي، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي .و على الرغم من هذه الفوائد، تواجه أنظمة التأمين الزراعي تحديات مثل ارتفاع تكاليف الأقساط لصغار المزارعين، ونقص الوعي بأهميته في المناطق الريفية، وصعوبة تقييم المخاطر بسبب التباين البيئي .إلا أن التطورات التكنولوجية، مثل استخدام الأقمار الصناعية تُقدم حلولًا مبتكرة لتعزيز الشمول المالي وتحسين دقة إدارة المخاطر .
و قد أظهرت برامج التأمين الزراعي كيف يمكن دمج التأمين مع سياسات زراعية مستدامة لتحسين كفاءة الموارد ودعم المزارعين . بالتالي، يُعتبر التأمين الزراعي ركيزةً لتحقيق نموذج زراعي قادر على الصمود في وجه التحديات المستقبلية، مما يجعله عنصرًا أساسيًا في أي استراتيجية تنموية شاملة.
حجم سوق التأمين الزراعي العالمي
قُدّرت قيمة سوق التأمين الزراعي العالمي بـ 42.32 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 60.32 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6.08% خلال الفترة 2024-2030 . يشهد سوق التأمين الزراعي العالمي توسعًا ملحوظًا نتيجةً لتزايد مخاطر المناخ، والدعم الحكومي، وتزايد الوعي لدى المزارعين. وقد أدت الظواهر الجوية المتطرفة، بما في ذلك الجفاف والفيضانات والعواصف، إلى زيادة الطلب على التغطية ضد خسائر المحاصيل والثروة الحيوانية. وتشجع الإعانات والمبادرات الحكومية في مناطق مثل الولايات المتحدة والصين والهند المزارعين على تبني وثائق التأمين الزراعي. كما ساعدت التطورات التكنولوجية، مثل صور الأقمار الصناعية وتقييم المخاطر باستخدام الذكاء الاصطناعي على تحسين عمليات الاكتتاب. بالإضافة إلى ذلك، يُسهم نمو الأعمال الزراعية و المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي في تعزيز توسع السوق.
المصدر TechSci Research:
مفهوم الاستدامة والتأمين الزراعي
تتيح التنمية الزراعية المستدامة الإنتاج المستدام وحماية البيئة، وتحقيق فوائد ملموسة للغابات والحياة البرية والمياه والتربة، والحدّ من الآثار السلبية على الزراعة مع المحافظة على الإنتاج أو زيادته. كما أن التركيز على الاستدامة، كان له تأثيره القوي على ظهور آليات حكومية دولية تتعلق بالسلامة البيولوجية والتنوع البيولوجي.
وتُعرِّف منظمة الأغذية والزراعة “التنمية الريفية المستدامة “على أنها عملية تلبي المعايير التالية:
– ضمان تلبية المتطلبات الغذائية الأساسية للأجيال الحالية والقادمة من حيث النوعية والكمية، مع توفير عدد من المنتجات الزراعية الأخرى.
– توفر عملاً دائماً، ودخلاً كافياً، وظروف عمل ومعيشة لائقة لجميع العاملين في مجال الإنتاج الزراعي.
– تحافظ على القدرة الإنتاجية لقاعدة الموارد الطبيعية ككل، وتعزز، حيثما أمكن ذلك، قدرة الموارد الطبيعية المتجددة على التجدّد، من دون الإخلال بأداء الدورات البيئية الأساسية والتوازنات الطبيعية، أو تدمير السمات الاجتماعية والثقافية للمجتمعات الريفية، أو التسبب في تلوث البيئة.
– تقلل من تعرض القطاع الزراعي للعوامل الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية السلبية والمخاطر الأخرى، وتقوي قدرة المجتمعات المحلية على الاعتماد على الذات ، و يتم تحقيق ذلك من خلال:
وتُعد هذه الممارسات ضرورية لتحقيق التوازن بين الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وفقًا لأهداف التنمية المستدامة .
دور التأمين الزراعي في دعم الزراعة المستدامة
يُعتبر التأمين الزراعي أداةً استراتيجية لتعزيز مرونة القطاع الزراعي وضمان استدامته، خاصة في ظل التحديات المناخية والاقتصادية والاجتماعية. و من أبرز الأدوار التي يلعبها التأمين الزراعي في هذا الإطار:
تقليل المخاطر المالية على المزارعين:
تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية:
تحفيز الاستثمار في الابتكارات المستدامة:
دعم الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي:
تشجيع الممارسات البيئية المسؤولة:
تعزيز التعاون بين الجهات الفاعلة:
أمثلة تطبيقية:
يعوض المزارعين تلقائياً عند تجاوز مؤشرات مناخية محددة (مثل قلة الأمطار)، دون حاجة لتقييم الخسائر ميدانياً، مما يقلل من التكاليف ويزيد الشفافية.
تقدم تخفيضات في أقساط التأمين للمزارعين الذين يتبعون معايير الزراعة العضوية أو يحافظون على التنوع البيولوجي.
العلاقة بين الاستدامة والمخاطر الزراعية
تشكل التغيرات المناخية تهديدًا مباشرًا للزراعة، حيث تؤدي إلى زيادة معدلات الجفاف والفيضانات والعواصف. لذا، يعد التأمين الزراعي أداةً حيوية للتخفيف من حدة هذه المخاطر وتعزيز الاستدامة. و يؤدي اتباع سياسات استدامة فعالة إلى الحد من الأضرار المحتملة ويضمن استمرارية الإنتاج الزراعي حتى في الظروف المناخية القاسية.
التحديات التي تواجه التأمين الزراعي:-
أولاً: تأثير التغير المناخي على المحاصيل والإنتاج الزراعي
يؤثر التغير المناخي على أنماط الطقس، مما يؤدي إلى تقلبات كبيرة في الإنتاج الزراعي، ويؤدي ذلك إلى زيادة عدم اليقين بالنسبة للمزارعين، مما يجعل الحاجة إلى التأمين الزراعي أكثر أهمية. كما يؤدي إلى تحديات تتعلق بزيادة التكاليف التشغيلية للمزارعين بسبب الحاجة إلى تقنيات مقاومة للتغيرات المناخية.
تؤدي الحرارة الشديدة إلى إجهاد النباتات، خاصة المحاصيل الحساسة مثل القمح والذرة، مما يقلل من معدلات التمثيل الضوئي ويُضعف الإنتاجية.
تُسرع درجات الحرارة المرتفعة من نضج المحاصيل، مما يؤدي إلى تقصير دورة النمو وانخفاض المحصول.
تُضعف الحرارة العالية من نشاط النحل والحشرات الملقحة، مما يهدد إنتاج الفواكه والخضروات.
يؤدي نقص المياه إلى تدهور التربة وفشل المحاصيل، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة (مثل القرن الأفريقي).
تدمير المحاصيل واختلال توازن المغذيات في التربة، كما حدث في فيضانات باكستان 2022 التي أتلفت ملايين الهكتارات.
يصعب على المزارعين توقع مواعيد البذر والحصاد بسبب التقلبات في هطول الأمطار.
تدمر البنية التحتية الزراعية (مثل الصوبات وقنوات الري).
كما حدث في أستراليا وكاليفورنيا، تدمر المحاصيل والأراضي الزراعية.
تؤدي إلى خسائر فادحة في المحاصيل، مثل تلف أشجار الزيتون في إسبانيا بسبب موجات الصقيع.
رغم أن زيادة ثاني أكسيد الكربون قد تعزز نمو بعض المحاصيل (مثل القمح والأرز) عبر “التخصيب الكربوني”، إلا أنها تقلل من القيمة الغذائية (مثل انخفاض البروتين في الحبوب).
تتفوق بعض الأعشاب على المحاصيل في امتصاص ثاني أكسيد الكربون مما يزيد من تكاليف المكافحة.
ارتفاع الحرارة يسمح للحشرات مثل دودة الحشد الخريفية بالانتشار إلى مناطق جديدة (مثل انتقالها من الأمريكتين إلى أفريقيا وآسيا).
تغير المناخ يسرع من تطور سلالات آفات مقاومة للمبيدات.
الرطوبة العالية ودرجات الحرارة المعتدلة تزيد من أمراض مثل صدأ القمح.
الاعتماد المفرط على الري في ظل الجفاف يهدد موارد المياه (مثل حالة الهند وباكستان).
ارتفاع منسوب مياه البحر يزيد من ملوحة التربة في المناطق الساحلية، كما في دلتا النيل في مصر.
انخفاض إنتاج الذرة وفول الصويا يرفع تكاليف تربية الماشية.
تزايد اعتماد الدول على الاستيراد بسبب تراجع الإنتاج المحلي (مثل اعتماد دول الخليج على استيراد القمح).
أمثلة إقليميةلأثر تغير المناخ على الزراعة
انخفاض إنتاج الذرة بنسبة 20-30% في بعض المناطق بحلول 2030 (وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي).
تهديد زراعة الأرز في دول مثل فيتنام وبنجلاديش بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر.
خسائر في إنتاج الزيتون بنسبة 50% في إيطاليا عام 2023 بسبب الجفاف.
ثانياً: المخاطر الاقتصادية والتحديات التمويلية التي تواجه شركات التأمين
تعاني شركات التأمين الزراعي من تحديات مالية كثيرة نظرًا لارتفاع تكاليف التعويضات وزيادة المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية. لذا، تحتاج هذه الشركات إلى نماذج تأمين أكثر كفاءة واستدامة، مثل برامج التأمين القائم على المؤشرات البيئية، والتي تعتمد على بيانات الطقس والاستشعار عن بعد لتحديد التعويضات.
تُعد أخطار السيولة من أخطر التحديات التي تواجهها شركات التأمين، حيث قد تواجه صعوبة في تغطية التزاماتها المالية (مثل دفع التعويضات) بسبب عدم توفر الأموال الكافية في الوقت المناسب. قد يؤدي ذلك إلى العسر المالي ، خاصة في ظل تقلبات السوق أو الأزمات الاقتصادية
تعتمد شركات التأمين على استثمار أموالها لتعزيز العوائد المالية، لكنها تتعرض لمخاطر مرتبطة بتقلبات الأسواق المالية، مثل:
–التقلبات الاقتصادية والسياسية
–التحديات الضريبية والرقابية
–الابتكارات المالية والتحديات التكنولوجية
– تأثير الأزمات العالمية (مثل تغير المناخ)
تزيد الكوارث الطبيعية (الفيضانات، الجفاف) من حجم المطالبات التأمينية ، مما يضغط على السيولة المالية للشركات. على سبيل المثال، قد تؤدي موجات الحر الشديد إلى زيادة خسائر المحاصيل الزراعية، وبالتالي ارتفاع التعويضات المدفوعة
– المنافسة وضغوط السوق
ثالثاً: محدودية الوعي والتغطية التأمينية للمزارعين في الدول النامية
لا يزال وعي المزارعين بأهمية التأمين الزراعي في العديد من الدول النامية محدودًا، مما يؤدي إلى ضعف انتشاره. لذا فهناك حاجة إلى برامج توعية لتعزيز فهم المزارعين لمزايا التأمين وأهميته. كما أن غياب البنية التحتية المالية اللازمة يجعل من الصعب على العديد من المزارعين الاستفادة من خدمات التأمين الزراعي.
استراتيجيات تحقيق الاستدامة في التأمين الزراعي:-
تشمل هذه المنتجات التأمين القائم على المؤشرات المناخية، والذي يعتمد على بيانات الطقس بدلاً من تقديرات الخسائر، مما يسهل تعويض المزارعين بسرعة وكفاءة. كما يمكن تطوير نماذج تأمين تجمع بين التأمين التقليدي وبرامج الادخار لتعزيز قدرة المزارعين على التعافي بعد الأزمات.
يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات الطقس وتوقع المخاطر الزراعية بدقة، مما يساعد شركات التأمين على تحسين نماذجها وتقليل التكاليف. كما يمكن استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد لتحليل المحاصيل والتنبؤ بالكوارث المحتملة قبل وقوعها.
يمكن للحكومات والشركات الخاصة العمل معًا لتوفير الدعم المالي والفني لشركات التأمين الزراعي، مما يعزز استدامة هذه الصناعة. يمكن أيضًا للحكومات تقديم حوافز مالية للمزارعين لتشجيعهم على الاشتراك في التأمين الزراعي.
تَلعب الحكومات والمنظمات الدولية أدوارًا محورية في تعزيز نُظم التأمين الزراعي، سواء عبر الدعم المالي، أو وضع السياسات، أو بناء القدرات.
– دور الحكومات
–دور المنظمات الدولية
– الشراكات بين الحكومات والمنظمات
–رأي اتحاد شركات التأمين المصرية
يلعب التأمين الزراعي دوراً حيوياً في تعزيز قدرة القطاع الزراعي على الصمود وتحقيق الاستدامة، لاسيما في الدول التي تواجه تقلبات مناخية وضغوطًا اقتصادية وتحديات تتعلق بالأمن الغذائي.
و يُعد تعزيز التأمين الزراعي أولوية وطنية تتطلب تكامل الجهود بين الجهات الحكومية وشركات التأمين والمعنيين بالقطاع الزراعي. ويرى الاتحاد أن توسيع نطاق التغطية التأمينية الزراعية في مصر، خاصة بين صغار المزارعين، يقتضي ما يلي:
كما يؤكد الاتحاد أن استدامة أنظمة التأمين لا تعتمد فقط على الدعم المالي، بل تتطلب أيضًا ترسيخ ثقافة إدارة المخاطر لدى المزارعين. ومن ثمّ، يدعو الاتحاد إلى دمج برامج التثقيف التأميني ضمن المبادرات التنموية الزراعية لبناء منظومة متكاملة ومستدامة لإدارة المخاطر في المناطق الريفية.
ومن خلال الاستفادة من التجارب الدولية ، يجدد الاتحاد التزامه بدعم التأمين الزراعي كأحد ركائز التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية في مصر وخارجها.
و إيماناً من الاتحاد بأهمية التأمين الزراعي فقد نظم أكثر من ندوة حول التأمين الزراعي منها:
كما قام الاتحاد بعقد بروتوكول تعاون مع شركة “إي فاينانس”، خاص بالتأمين الزراعي بهدف التوسع بمنتج المحاصيل، و إتاحة البيانات مما يساعد على وضع سعر عادل لوثائق التأمين الزراعي والوصول للعملاء بشكل أفضل.